«الرياض» تنشد وعياً مجتمعياً للتخلي عن مظاهر العنف والانتقام
«جرائم غريبة» في مجتمعنا.. ما الذي تغيّر؟
جازان، تحقيق- خالد حمزي
زوجة تعذّب ابن زوجها، وأخرى تقتل ابن زوجها..وأبناء يقتلون والدهم.. وزوج يحرق زوجته..وأب يتحرش بابنته..ظواهر لم تكن موجودة في مجتمعنا، وبدأت تتنامى بشكل ملحوظ بين حين وآخر..قضايا غريبة على المجتمع -كوننا نعيش في مجتمع محافظ ويتمسك بالشريعة الإسلامية-، ويبقى السؤال: هل الانفتاح الإعلامي له دور في تلك الجرائم، من خلال الكم الهائل من المسلسلات المتشبعة بمثل تلك الجرائم؟..أم هو ضعف في الوازع الديني؟..أم هناك دوافع أخرى نفسية وربما شخصية؟.»الرياض» طرقت باب تلك الجرائم ووضعت التساؤلات بين أيدي المختصين.
القيم والمبادئ
بداية أوضح «د.عبدالرحمن علوش المدخلي» -عضو هيئة التدريس بجامعة جازان- أنّ هذه المظاهر بعيدة عن سماحة الإسلام وسموه، وعن القيم والمبادئ التي نشأ عليها آباؤنا وأجدادنا لم تكن معروفة من قبل بل كانت نشازاً لا تقرأ إلا في كتب الأساطير، ونسمع بها في مجتمعات بعيدة عن الدين والقيم، مضيفاً: أن من أسباب انتشار هذه الظواهر الدخيلة على مجتمعنا المحافظ ضعف الوازع الديني، وضعف مراقبة الله تعالى والخوف منه، فإنّ من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان لا يمكن أن يتجرأ على مثل هذه الأفعال ومما أدى إلى هذا الضعف الانفتاح الإعلامي غير المنضبط عن طريق القنوات والإنترنت وأيضاً انتشار المخدرات.
أبناء يقتلون والدهم وزوجة تعذّب ابن زوجها ورجل يحرق زوجته وأب يتحرش بابنته ..
الفراغ والبطالة
وأشار إلى أنّ المسلسلات ومشاهد العنف والقتل لا بد أن تؤثر في المشاهد يوماً ما وتبرر له تصرفاته الشاذة كما أنّ كثرة المشاكل الأسرية وعدم الترابط بين الآباء والأبناء والجفاف العاطفي من أسباب هذه المظاهر ولا ننسى أنّ الفراغ والبطالة ربما تكونان من الأسباب التي تؤدي إلى هذا الجنوح، مؤكداً على أنّ ألعاب العنف عبر «البلاي استيشن»، و»القيم بوي» وغيرها لها آثار كبيرة في تأصيل العنف لدى الناشئة، وبالجملة فإنّ الحياة المادية وسيطرة المادة وجعلها الأساس للتعامل والبعد عن الله ومراقبته وضعف التربية الروحية من أهم الأسباب لهذه الظواهر.
نقل المعلومات
وقال «د.عبدالرحيم بن محمد الميرابي» -الأخصائي النفسي بمستشفى الملك فهد بجازان- إنّ مثل هذه الجرائم موجودة بين البشر مذ قتل قابيل أخيه هابيل، وما تزال تحدث في كل المجتمعات ولا يتفرد بها المجتمع السعودي وحده دون غيره؛ فإن كنا لم نسمع عنها بالأمس كسماعنا عنها اليوم، فلايعني ذلك عدم حدوثها بالأمس بنفس المستوى الذي تحدث فيه اليوم، أي أنّ السبب لا يعود إلى عدم حدوثها بالأمس، بل يعود إلى وفرة وسائل نقل المعلومات في الوقت الحاضر التي تخبرنا بكل صغيرة وكبيرة على الهواء مباشرة حين وقوعها، بينما قديماً كان ما يحدث في المدينة لا يسمع عنه أهل القرية المجاورة.
الاستعداد النفسي
وأضاف: بيد أن اليوم ما يحدث في القرية النائية يسمع عنه العالم كله بفضل وسائل الاتصال الحديثة، لكن بغض النظر عن كل هذا، فإنني أرى أنّ ما يُعرض على الأطفال والشباب والكبار من ارتكاب للجرائم على هيئة أفلام كرتونية، أو مسلسلات، أوتمثيليات، أو مايعرض عبر اليوتيوب، لا بد أنه يبقي أثراً على الشخصية التي لديها- أصلاً- الاستعداد النفسي لارتكاب الجريمة، أقصد الشخصية ذات الميول العدوانية، ولو جعلنا من ضعف الوازع الديني وكثرة ضغوط الحياة المعاصرة، والإهمال في التنشئة الدينية الصحيحة، وكذا التنشئة الأسرية والمدرسية سبباً في تزايد هذه الجرائم لكنا محقون فيما نقول، حتى إننا بتنا نسمع اليوم عن جرائم ترتكب داخل المدرسة يكون الضحية فيها المعلم، وهذا ما لم يكن ليحدث بالأمس.
لا تعد ظاهرة
من جانبه أشار الناطق الإعلامي بشرطة جازان «النقيب.عبدالله بن معيض القرني» إلى أنّ مثل هذه القضايا لا تعد ظاهرة بالمجتمع السعودي؛ إلا أنه كغيره من المجتمعات قد تحدث هذه الفئة من الحوادث نتيجة لعوامل متعددة تختلف من واقعة لأخرى إما أن تكون نفسية أو اجتماعية أو ضعفاً بالوازع الديني أو غيرها من المؤثرات الداخلية والخارجية لمرتكبي هذه الحوادث، ويقع الدور الأكبر في التربية على رب الأسرة في متابعة رعيته وتوجيههم من الصغر بغرس تعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية بطاعة الله وبر الوالدين، ولوسائل الإعلام دور كبير في التنشئة بالتأثير الإيجابي أو السلبي من خلال الأفلام وألعاب الفيديو وما تحويه من مشاهد العنف والجريمة التي قد تؤثر في السلوك.