شبح الرحيل يطارد سكان حي الخليج في الرياض بعد إبلاغهم بنزع ملكية مساكنهم
مساكن في هذا الشارع ستهدم
الرياض - راكان الدوسري
بين ليلة وضحاها، وجد مواطنون أنفسهم لا محالة تاركين مساكنهم التي تملكوها، ليجدوا أنفسهم في نهاية الأمر مضطرين لمغادرتها، لأنها ستهدم ذات يوم بسبب طريق تقتضي المصلحة العامة أن يمر فوق بيوتهم تلك.
المشهد ليس درامياً إلى هذا الحد، لكنه حقيقة جلية يعيشها سكان في حي الخليج بشرق الرياض، فقد أدت خطة تطويرية غفل عنها المطورون، حتى تداركوها بعدما بنا الناس بيوتهم، ليجد المطورون أنه لابد من أن يمر طريق من هنا بعدما أصبحت الأرض تعج بالبيوت والناس.
ولوحة أخرى تنذرهم بإزالة المنازل
القصة بدأت منذ عام 1426ه حين قررت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض تحسين طريق الملك عبدالله وطريق سلمان الفارسي وربطه بشارع الصحابة بحي الخليج بشرق الرياض، كانت الرؤية تطويرية، لكنها جاءت متأخرة، فعملية الربط تلك لن تتم ما لم يكن ثمنها هدم منازلهم.
ولأنها مصلحة عامة، فلا مجال للعاطفة، والبكاء على تلك البيوت التي يعلم ملاكها أنها ستصبح ذات يوم مجرد أطلال، فالأمر جدياً، وحاسم.
أقامت أمانة مدينة الرياض لوحات ضخمة موجهة من خلالها رسالة لأصحاب المنازل، تحي تلك اللوحات بأن ساعة الرحيل قد أزفت، وأن فقدان تلك المنازل قد بات وشيكاً. وحددت في رسالتها تلك أرقام اتصال، وحددت خلالها الشروط والأوراق المطلوبة، وذلك من أكثر من نصف عام.
رسالة لسكان الحي تحمل رقم هاتف لا يجيب
معلومات حصلت عليها "الرياض" تشير إلى أن بلدية الروضة قد أنهت استقبال أوراق قرابة 50% من أصحاب المنازل التي ستنزع ملكيتها، فيما لم يبادر البقية إلى مراجعة البلدية، ولم يستوفوا تقديم الأوراق المطلوبة بعد، إلا أن المواطنين الذين انهوا الأوراق المطلوبة منذ نصف عام، يطاردهم شبح الرحيل، وتتنازعهم هواجس البحث عن المسكن البديل، وتؤرقهم الصورة في تخيل المشهد، كيف سيرحلون؟، أين سيقيمون؟ متى سيقبضون ثمن التعويض ليشتروا منزلاً جديداً؟ وهل ستكفي المبالغ التي سيحصلون عليها لشراء منزل يضاهي المنزل القديم.
أسئلة تبدو صعبة على المواطنين، وسهلة على المسؤولين، لكن لا أحد من المسؤولين صرح حتى تاريخه حول الجدول الزمني الذي سيقضيه المواطنون في رحلة خسران منزل وتملك آخر، ولا يعلم بعد كم من الوقت سيقضيه هؤلاء المواطنين لكي يحصلوا على مبالغ التعويضات في إطار الشعور العام بأن هناك إجراءات بيروقراطية طويلة.
المواطنون يعلمون أن بقاءهم هنا أصبح مؤقتاً
وفيما يخشى السكان التقت بهم "الرياض" في الحي من أن يهجروا من بيوتهم قبل أن يقبضوا مبالغ التعويضات، وأن يتحولوا إلى مستأجرين من جديد، أبدوا تمنيات مشوبة بالتفاؤل أن تكون عملية مغادرتهم لمساكنهم هذه إلى مساكن جديدة ميسرة، وغير معقدة، مطالبين بتحديد جدول زمني يمكنهم من معرفة متى سيغادرون بيوتهم تلك، ومتى سيتمكنون من شراء منازل بديلة، مؤكدين أنه ليس لهم ذنب في غياب الرؤية أثناء تنفيذ الطرق وتخطيط الحي قبل عقود من الزمن.