صوتٌ يجب أن يُسمع!!
د. عبدالمجيد بن محمد الجلاَّل
طغيان الفاعل الشعبي، يمارس اليوم، بفعالية عالية، وحِدةٍ مشروعة، دور الناقد والمُمحِّص، لكل خطوات وبرامج التنمية، والتخطيط، وأداء قطاعات الدولة، يستطيل بدوره إلى وعيٍ مجتمعي مُطِّرد، بما يجري على ساحة الوطن إيجاباً أو سلباً.
تحت هذا العنوان، يتم تحريك المياه الراكدة، وبعثرة أوراق وخطط الوزارات النائمة، وكشف قيادات إدارية مُتحجرة واهنة ومُستنفعة، ورصد خللٍ وفسادٍ في مشاريع البُنى التحتية والعلوية، وفي كل مفاصل الدولة، وتسليط ضوءٍ على العشوائية والتَّخبط في الرؤية، وعدم الشفافية والمهنية، الحاضرة في أداء بعض الوزارات والأجهزة الحكومية التنموية، والخدمية. وعلى السياسات والبرامج والمشاريع التي تحيط بها الضبابية، ولا تنعكس ثمراتها بدرجة كافية على الأحوال المعيشية والاقتصادية لشرائح مجتمعية واسعة!
الوعي المجتمعي هذا يبعث برسالة قوية وحادَّة إلى المسؤولين ومتخذي القرار، لجهة الاعتراف بصوت المواطن، والتفاعل معه بموضوعية، ومهنية عالية، على امتداد مناطق هذا الوطن، ومحافظاته، وعلى امتداد ترابه، وسهوله، وجباله، وسواحله، ووديانه...
صوت المواطن هذا، دافع مهم -إذا خلُصت النوايا- لتحسين أداء أجهزة الدولة وهيئاتها العاملة، وتعزيز برامج التنمية المستدامة، والرعاية الاجتماعية، وصولاً إلى عدالة أوسع نطاقاً في توزيع ثمرات التنمية والدخول.
وكم كان سيكون صوت المواطن، أكثر فعالية وثمرة، وأشد ومضة، لو تسنَّى له مؤسسة تشريعية ورقابية، يمكن التعويل عليها لتصويب أخطاء المنظومة الخدمية والتنموية في كل قطاعات الدولة، وتصحيح مساراتها، وتبني احتياجات المواطنين وقضاياهم المعيشية..
إذ مع الأسف الشديد "مجلس الشورى" بالآلية الحالية الضعيفة والمُستضعفة، غير مؤهل أساساً للاستجابة لتطلعات المواطنين. وهيئة مكافحة الفساد - نزاهة" أداؤها الراهن يشي بفشلها في القيام، بما أُنشئت لأجله، ربما باستثناء استفزاز المجتمع كله بفعل آليات أدائها البائسة والباهتة.
كلمة أخيرة:
مواقع التواصل الاجتماعي، قد لا يخلو محتواها من سلبياتٍ كثيرة، وادعاءاتٍ ضاوية، وكلام ٍ مرسلٍ ومعلول في تعاطيها مع الشأن العام وسواه، ولكن من المؤكد أنَّها - إلى جانب العديد من المنابر الإعلامية والفكرية المتاحة - تمارس كذلك أدواراً إيجابية وجزلة لرصد أداء قطاعات الدولة، ورصد مخاطر لوبي المصالح والمنافع الضيقة الذي يقتات على موارد الوطن وحقوق المواطنين.
من شعر أبي العتاهية:
لا تَمْش في النَّاس إِلَّا رَحْمَةً لَهُمُ
ولا تُعَاملْهُمْ إِلَّا بإِنْصاف